تقنيات حفظ القرآن الكريم

تمــهيــد:

إن الانسان العاقل في هذه الحياة يعيش من اجل تحقيق أهدافه و طموحاته، و كلما حقق هدفا سعد و فرح بإنجازه، هذا إن كانت هذه الاهداف دنيوية محضة، فكيف تكون سعادة المسلم إذا استطاع ان يحقق هدفا من اسمى الاهداف لدى كل مسلم غيور على دينه و اسلامه و انتمائه؛ إنه حلم حفظ القرآن الكريم، إنه بلا شك لا احد اسعد منه.

و لتحقيق هذا الهدف العظيم فلقد يسر الله لهذه الامة في ابتكار تقنيات حديثة تحققه في ظرف قصير، و للعلم فإن هذه التقنيات ليست خاصة لحفظ القرآن الكريم و انما نستطيع ان نسميها قواعد و تقنيات تغيير نمط الحياة و معرفة القدرات الداخلية لدى الانسان الذي انعم الله عليه بنعم لا تعد ولا تحصى كما قال سبحانه و تعالى ( و إن تعدوا نعمة الله لاتحصوها..))

*- و قبل البدء لابد من ثلاثة امور أساسية لتحقيق اي هدف و هي:

1- الاخلاص: أي النية الصادقة فهي اساس قبول و صلاح كل عمل كما قال صلى الله عليه و سلم " إنما الاعمال بالنيات و إنما لكل امرء ما نوى.." ؛ و لابركة فيه في الدنيا و لا أجر عليه في الآخرة.

2- التوبة و ترك المعاصي: و ذلك لان أساس العلم و الحصول هو التقوى و إجتناب المعاصي و الذنوب كما قال تعالى : (( و اتقوا الله و يعلمكم الله ))

و قد سئل الامام مالك: ما هو الشيء الذي يعين على الحفظ ؟ قال ترك المعاصي.

و قال الشافعي :

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

و قـال لـي إن العلـــــم نـــــــــور و نـــور الله لا يعـطى لعاصـي

3- الدعاء: "فهو العبادة" كما قال المصطفى صلى الله عليه و سلم أو هو مخ العبادة كما يقال؛ و الله سبحانه يقول (( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم..)). و قد وعد الله بان يستجيب دعاء من دعاه.

- رجل يقال له ابراهيم معاصر ذهب الى الحرم و دعا الله بثلاث دعوات فاستجاب الله له اثنتين و الثالثة بينه وبين الله فدعا الله ان يرزقه إقامة دائمة في الحرم، فأعطي الإجازة و الرخصة، و دعا الله أن يسهل له حفظ القرآن في أقل من شهرين، فحفظه في خمس و أربعين يوما، و الثالثة قال بينه و بين الله نرجوا الله ان يجيبها له. آمين.

- وقبل البدء كذلك لابد من :

- الاعتقاد اننا نتدرب فليس عيبا ان نخطأ.

- إيقاف قانون التوقع.

- الإعتقاد بأن الأكثر تطبيقا هو الاكثر استفادة، و ذلك كما قال تعالى: (( و لو انهمفعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم و أشد تثبيتا ))

سؤال مهم: لماذا تريد حفظ القرآن الكريم ؟

قبل البدء في الحفظ لابد من طرح هذا السؤال على نفسك؛ لان الجواب عليه محفز قوي لمباشرة الحفظ و الاستمرار عليه حتى تحقيق الحلم.

الجواب: الحقيقة أننا نحفظ القرآن ليحفظنا لا لنحفظه؛ لانه هو محفوظ بحفظ الله له كما قال الله تعالى: (( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ))

إذا نحفظ القرآن ليحفظنا و يرفعنا

كيف ذلك:

لان من حفظ القرآن الكريم :

1- يكون من أهل الله و خاصته.

2- يكون مع السفرة الكرام البررة.

3- يكون القرآن له شفيعا يوم القيامة، و لأقربائه.

4- يقال له يوم القيامة إقرا و ارق و رتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها.

5- يملؤ حسابه بالحسنات كلما قرا القرآن لأن الحرف بعشر حسنات.

6- لا يكون من الهاجرين له الذين يشتكي منهم الرسول يوم القيامة.

7- يكون من المحببين لله كما قال ابن مسعود " إذا أردت أن تعرف الله و رسوله فاعرض نفسك على القرآن؛ فإن كنت تحب القرآن فأنت تحب الله و رسوله.

8- يستقيم لسانه في النطق و الفصاحة.

9- يتسلى بالقرآن و يطمئن به و اليه كلما ضاقت نفسه عليه.

10-يحمي ذاكرته من الضياع و الركود ويعودها على الحفظ والنشاط لأن من حفظ القرآن سهل عليه بعد ذلك كل شيء.

*إذا القرآن محفوظ ولا حاجة له بحفظنا له، وإنما نحن الذين في حاجة ماسة إلى فضله و خيره في الدنيا والآخرة*

** تغيير الأفكار و الإعتقادات السلبية **

قبل الكلام عن كيفية تغيير الأفكار والمعتقدات لابد من الإعتقاد أن:

- إذا كانت الإرادة والرغبة =0 والقدرات =10/10 فإن النتيجة =0

- العلم بأن ما حققه الغير بإمكان أي أحد أن يحققه إذا سار على ما سار عليه الغير ( النمذجة )

- من اراد أن يغير شخصيته لابد من تغيير أفكاره لأنه كما قيل " إزرع فكرة تحصل على سلوك ثم على شخصية "

تمرين تطبيقي:

كيفية تغيير المعتقدات السلبية السابقة عن الحفظ.

1- خذ ورقة مستقلة و خذ نفسا عميقا

2- أكتب عليها 4 أو 5 معتقدات سلبية عن الحفظ مثل: أنسى بسرعة، الحفظ صعب علي..

3- تجنب كتابة لفظة أنا مثل: أنا أنسى بسرعة ؛أنا الحفظ صعب علي..

4- خذ نفسا عميقا و اقرأها بتمعن حتى تستوعبها جيدا.

5- بعد ذلك تخيل نفسك و أنت منذ متى و أنت تعيش بها منذ يوم؟؟ يومين؟؟ أسبوع؟؟ أسبوعين؟؟ شهر؟؟ شهرين؟؟ عام؟؟ عامين؟؟ خمسة أعوام؟؟ عشرة؟؟ عشرين؟؟ ثلاثين؟؟...؟؟...؟؟...الى اليوم وأنت بهذه الأفكار و المعتقدات و هذا ما فعله النبي صلى الله عليه و سلم في دعوته في مكة، حيث حارب الأفكار فنجح في المدينة.

6- ثم اجعل عنوانك في هذا المشروع الحلم قوله تعالى (( و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ))

7- خذ نفسا عميقا و تأمل في هذه الآية و تدبر في معانيها، وعش معها في المعاني و الأفكار الإيجابية مثل: القرآن سهل و ميسر، أنا قادر على حفظه، أنا مدكر، أستطيع حفظه كما حفظه الملايين غيري صغارا و كبارا، رجالا و نساءا..

8- تخيل نفسك بهذه الأفكار والمعتقدات الإيجابية بعد يوم؟؟ يومين؟؟ أسبوع؟؟ أسبوعين؟؟ شهر؟؟ شهرين؟؟ عام؟؟ عامين؟؟ خمسة أعوام؟؟سبعة؟؟ عشرة؟؟ عشرين؟؟ ثلاثين؟؟...؟؟...؟؟...

9- ثم تخيل أنك بهذه الأفكار كيف أصبحت؛ وأنت تحقق أهدافك هدفا بعد هدف...

10-خذ نفسا عميقا و عد لنفسك و حاضرك الآن؛ بماذا تشعر الآن ؟

11- لابد أنك كرهت تلك المعتقدات السلبية كرها شديدا.

12- الآن ارم بها من الخارج ( الصورة: فعل حركة الرمي باليدين معا باتجاه خارج القاعة، مع قول: المعتقدات السلبية خارج القاعة.

و الحقيقة: أنك ترمي بالمعتقدات خارج حياتك إلى الأبد )

13- ثم خذ نفسا عميقا؛ و اعتقد أنك أصبحت إنسانا آخر، غير الانسان الذي كنت تعرفه.

فهل نحن مستعدون لحفظ القرآن الكريم؟مستطيعون؟ قادرون؟...؟...؟...؟.......

مثال تطبيقي: لتحفيز القوة و الطاقة الكامنتين فينا:

- نتخيل جميعا أننا في قاعة ما منشغلين بأمور دنيانا، وبينما نحن كذلك إذ بطارق يطرق الباب ! يا ترى من الطارق ؟ من ؟؟؟ أتدرون من الطارق ؟ إنه ملك الموت !!!! نعم إنه ملك الموت.. ماذا يريد يا ترى ؟ لحسن الحظ إنه لم يأت ليقبض ارواحنا، وإنما ليحفزنا و يحركنا نحو الأفضل.

- أخذ يشوقنا بفضل القرآن و شرفه و فضل أهله في الدنيا و الآخرة بذكر الآيات القرآنية والاحاديث النبوية.

- ثم ذكرنا و صور لنا المشهد الرهيب يوم القيامة لما يشتكي النبي صلى الله عليه وسلم من هجران قومه للقرآن.

- ثم أخذ يلوم فينا لعدم حفظنا للقرآن بقوله: الم تسمعوا ءاية كذا؟ وءاية كذا، وحديث كذا...، ثم صور لنا حديث الارتقاء في الجنة على حسب المحفوظ من القرآن، ويخيلنا و نحن مع أحد أقربائنا أو أصدقائنا أو جيراننا، وقد يكون اكبر منا او اصغر منا أو اصح منا أو أمرض منا او...أو...أو...فنراه يرتقي شيئا فشيئا و نحن توقفنا في أول الدرجات. لماذا توقفنا يا ترى ؟ توقفنا لأننا لم نحفظ إلا حزب أو حزبين في أحسن الاحوال أو سورة أو سورتين...

- ثم بعد هذا التشويق من جهة واللوم والعتاب من جهة اخرى يقول لنا من حسن حظكم اني لم آتي لقبض ارواحكم؛ وإنما جئت لأعلمكم بأنه بقي من عمركم شهران فاعملوا ما شئتم أي احفظوا او لا تحفظوا ؟؟؟؟

ايها الاخوة يا ترى ما كان فاعل كل احد منا في هذين الشهرين ؟؟؟ الجواب عند كل واحد منا .